ادعمنا

الاقتصاد الرقمي - Digital Economy

تتعدد التسميات التي تطلق على عصرنا اليوم، ومنها العصر الرقمي، عصر بوابة الثورة المعلوماتية المهيمنة على الفضاءات الاقتصادية والاجتماعية، عصر العقل الإلكتروني الخلاق للثروة الجديدة، عصر ما بعد الصناعة ...الخ، هذا وإن ما يشهده العالم المعاصر من تحولات إبتداء من التسعينات لحد الآن، ما هي إلا تحولات فرضت نفسها على الاقتصاد وحولته إلى الصورة الرقمية الجديدة التي تمخض عنها ولادة الاقتصاد الرقمي، الذي يعد عملية تفاعل وتناسق بين الاقتصاد والتكنولوجيا.

 

تعريف الاقتصاد الرقمي

تنوعت التعاريف التي تناولت الاقتصاد الرقمي حيث ذهب بعضهم إلى ربط الاقتصاد الرقمي بالتطور التكنولوجي والاتصالات إذ يعرفه بأنه:" التفاعل والتكامل والتنسيق المستمر بين تكنولوجيا المعلومات وتكنولوجيا الاتصالات من جهة، والاقتصاد الوطني والدولي من جهة أخرى، وبذلك يحقق الشفافية ويتيح لجميع المؤشرات الاقتصادية أن تساند جميع القرارات الاقتصادية والمالية والتجارية للدولة المعنية خلال مدة زمنية محددة"، كما إن هناك من يربط الاقتصاد الرقمي بشبكة المعلومات فيعرفه: بكونه" الاقتصاد الذي تنساب فيه المعلومات                 من خلال الشبكات والحواسيب وينتشر فيه تطبيق المعارف الإنسانية وتطوراتها المتسارعة على المنتجات فيكون أكثر تميز وتتم الأنشطة الاقتصادية فيه بسرعة أكبر".

الاقتصاد الرقمي يعرّف على أنه الاقتصاد الذي يعتمد بدرجة كبيرة على استعمال أدوات الثورة التقنية للمعلومات والاتصالات في القطاعات الجديدة العاملة في مجال التقنــــية الدقيقة،كما يعرّف بأنه الاقتصاد القائم على مبدأ إنتاج ونشر واستعمال المعرفة، باعتبارها القوة الرئيسة الدافعة للنمو الاقتصادي وزيادة الثروة وتلعب فيه المعرفة والإبداع والتجديد دوراً رئيسياً ومتنامياً في إحداث النمو واستدامته، وتعد المعرفة أهم عوامل النمو في الاقتصاد الرقمي بل انها تعد سلعة قائمة بحد ذاتها.

وبذلك يكون الاقتصاد الرقمي التسمية المستخدمة للإشارة إلى الاقتصاد القائم على الانترنت أو اقتصاد الويب، وهو الاقتصاد الذي يتعامل مع الرقميات أو المعلومات الرقمية، الزبائن الرقمين والشركات الرقمية التكنولوجيا الرقمية، والمنتجات الرقمية.

 

نشأة الاقتصاد الرقمي

إن للاقتصاد الرقمي جذور عميقة تعود إلى عام 1921 في الولايات المتحدة الأمريكية، عندما قدّم العالم الاقتصادي فرانك نايت أول دراسة له عن اقتصاد المعلومات، وفي عام 1954 نشر الاقتصادي مارشال دراسته بعنوان نظرية اقتصادية للتنظيم والمعلومات، بيد إن العالم ماكلوب تصدر الموقع الريادي بتحليله لاقتصاد نظام براءات الإختراع، التي وصفها بأنها جزء واحد فقط من الإستثمار في التعليم والبحث والتطوير التقني ثم جاءت دراسته الثانية صناعة وتوزيع المعرفة في الولايات المتحدة في عام 1958، لتنسف كل هياكل الاقتصادات التقليدية  في الفضــــاء الرقمي cyber space ، لتتحقق نبوءة العالم الاقتصادي ديريك برايس بأن المعلومات ستحل محل النقود في الاقتصاد الرقمي الذي تغير شكله ونسيجه بتأثير التقنية مع الزمن.

وفي عام 1977 أدخل العالم ستيكلر، المعلومات متغيراً متميزاً في الصياغات التحليلية الاقتصادية وفي عام 1989 إقترح العالم الاقتصادي كيبرج علم المعلومات التنموي، الذي عرفه بأنه "العلم الذي يبحث في تأثير المعلومات على التنمية الاقتصادية"، وقد ارتكز هذا العلم على نظرية تفترض أن المعلومات قيمة مضافة Value Added  عندما تمتزج بعناصر الإنتاج المادية والبشرية، مما تضيف إليها قيمة عالية من الكفاءة وزيادة الإنتاج ومن ثم يقود ذلك إلى تطور الاقتصاد الكلي، لذا اتخذت الدول المتقدمة قرار التنمية المعلوماتية خياراً إستراتيجياً لتحقيق التنمية الاقتصادية، وهذا يتضح من خلال التطور المذهل لتقنية المعلومات والاتصالات.  

لقد انعكست تطورات تقنية المعلومات والاتصالات على تغيرات كبيرة في عملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية، فكانت عاملاً أساسيا في نمو الاقتصاد الرقمي المبني على المعلومات المتجسدة بشكل رقمي في الحواسيب، ضمن قواعد المعرفة Data base knowledge، وأن ترميز المعرفة وتخزينها رقمياً جاء انطلاقا من توافرها كمعلومات على شكل كتب ومجلات وأوراق عمل ومراجع وفهارس وصور وأفلام ورسومات، فضلا عن سهولة نقلها عبر الشبكات الالكترونية، مما يجعلها بلا ريب أداة مهمة من أدوات التنمية الاقتصادية.

نستنتج مما ورد آنفا أن الاقتصاد الرقمي القائم على المعلومات، لم يكن ظاهرة جديدة  بل ظهر على الواقع العملي منذ عام 1921، وأن الطبيعة الاقتصادية للمعلومات تعدّ بداية إنطلاق تفكير الرواد الاقتصاديين في هذا المجال، كما  أن بروز قطاع المعلومات كقطاع رابع يضاف إلى قطاع الصناعة والزراعة والخدمات سيعمل على تخفيف مشكلة الندرة للموارد لأن أذواق المستهلكين لا تبقى ثابتة وإنما ستتغير بتغير التقنية مع الزمن .     

 

الاقتصاد الرقمي وبعض المصطلحات المُتداخلة

يرتبط الاقتصاد الرقمي بمجموعة من المصطلحات ويتداخل معها، ومن تلك المصطلحات:

الاقتصاد المعرفي: يعرف بأنه:"الاقتصاد الذي تحركه الأفكار والمعرفة وليس الموارد المادية، فهو اقتصاد قائم على إنتاج وتوزيع واستخدام المعرفة كوسيلة للنمو وتوليد الثروة والتوظيف عبر كافة الصناعات.

اقتصاد المعلومات: هو الاقتصاد الذي يعتمد في مختلف قطاعاته على المعلومات، أي تزيد فيه قوة العمل المعلوماتية عن قوة العمل العاملة في كل من قطاعات الزراعة والصناعة والخدمات وذلك بالنسبة للدول المتقدمة، أو هو المجال الذي يهتم بتطبيق الطرائق العلمية في تحليل الجوانب الاقتصادية للعمليات التي ينطوي عليها إنتاج المعلومات ونشرها وتجميعها وتنظيمها وحفظها والإفادة منها وتختلف نسبة الإعتماد عليه بالنسبة للدول الأقل تقدما. 

اقتصاد الإنترنت: هو الاقتصاد الذي يركز بشكل دقيق على أهم الشبكات المستخدمة في العالم وهي شبكة الانترنت، والتي تسمى "شبكة الشبكات،" ويعد هذا المصطلح جذرا لمصطلح الاقتصاد الشبكي والذي يقوم باستخدام الأدوات والوسائل القائمة على شبكة الانترنت، فهو بمثابة مجموعة من الأنشطة الاقتصادية والإجتماعية والثقافية المتكاملة والمتداولة عبر الانترنت.

الاقتصاد الإلكتروني: هو اقتصاد مختلف كونه يعتمد على سلع جديدة ومتنوعة، وأهم مايميز هذه السلع بأنها تكون صغيرة الحجم وخفيفة الوزن، تفيد في تفكيك وتجزئة المرئيات والمسموعات والمعلومات وتحليلها وتحويلها إلى لغة الأرقام، أي الأحاد، والأصفار لأنها شفرة كومبيوتر، وإرسال هذه الأرقام إلى الأفراد عن طريق الهواتف والموجات الهوائية على شكل صورة وصوت، فهذه العملية تفيد في تطوير شبكات الاتصال وخلق شبكات جديدة أيضا، وكما يرى البعض بأنه المصطلح الأكثر شمولا من مصطلح ( اقتصاد الإنترنت واقتصاد المعلومات) لأن لفظ إلكتروني يشير إلى جميع المنتجات الإلكترونية الحديثة، فالتلفاز والحاسوب والهاتف جميعها أجهزة إلكترونية،والإلكترونية مرادفة للكهربائية وبهذا تأتي شمولية المصطلح.

الاقتصاد الإبداعي: هو المصطلح الذي يعد المعرفة في المرتبة الأولى، بتكوينه المنتجات المبتكرة جميعها والتي تعبر عن حالة إبداعية معينة تصنف ضمن الاقتصاد الإبداعي، بدءا من صناعة السينما والفن وصولا للحاسبات بجميع أنواعها المختلفة؛ وبذلك فهو يتصف بالشمولية لأنه يصف الإبداع في جميع النواحي العلمية والعملية، فالإبداع هو القدرة على صناعة شيء جديد، ويعني إنتاج شخص أو أشخاص مجموعة من الأفكار القيمة ذات المنفعة العالية، وتحويل هذه الأفكار إلى منتجات اقتصادية ذات مردود مالي يحقق منفعة اقتصادية. 

الاقتصاد الإفتراضي: يشير مصطلح الإفتراضي إلى "بيئة الأعمال الإلكترونية الجديدة والمتمثلة بشبكة الانترنت والتي نستطيع من خلالها بناء مؤسسات وشركات لاتنتمي للواقع المادي، أي المواقع التجارية الرقمية والبنوك الإفتراضية والنقود الرقمية جزء من الواقع الإفتراضي، وتعد المعلومات والمنتجات الخدمية والمعرفية وسيلة التبادل الأساسية في الاقتصاد الإفتراضي" .

 ونلحظ مما سبق، أن الاقتصاد الرقمي يعد الحيز أو المجال الفضائي الذي تمارس فيه الأنشطة بصورة إلكترونية، من خلال اعتماده على أربعة مكونات أساسية وهي: الحاسبات والمعلومات والإتصالات والعناصر البشرية سواء كانوا منتجين رقميين أو مستهلكين رقميين، وهذا النوع من الاقتصاد يقدم منتجات وخدمات رقمية ذات كلفة مقبولة وجودة عالية بسبب اعتمادها على مورد غير ناضب ألا وهو الترددات المخصصة لشبكات الإتصال اللاسلكية الذي يمثل العامل الأساس في الاقتصاد الرقمي. 

ويختلف الاقتـــصاد الرقمي الجديد عن  الاقتصاد التقليدي بالنقاط الأتية : 

1 – يعتمد الاقتصاد الرقمي على المعلومات والترابط الفوري في القطاعات الإقتصادية كافة.

2 – يعتمد الاقتصاد الرقمي على التقنية الحديثة والإبداع الفكري، فيما يعتمد الاقتصاد التقليدي على استغلال الموارد المتاحة .

3 - لا يمكن نقل ملكية المعرفة في الاقتصاد الرقمي، على خلاف عناصر الإنتاج في الاقتصاد التقليدي.

4- إن الاقتصاد الرقمي هو اقتصاد وفرة تزداد معرفتها بالاستهلاك والممارسة والنشر، فيما أن الاقتصاد التقليدي هو اقتصاد ندرة لأن الموارد تستنفد بالإستهلاك.

5- أن الاقتصاد الرقمي أوجد المصارف الافتراضية التي تعمل على مدار الساعة، وهذا ما لا  يوفره الاقتصاد التقليدي .

 6- إن عنصر الإنتاج في الاقتصاد الرقمي يتمثل في المعرفة ،فيما يتمثل في الاقتصاد التقليدي بالعمل ورأس المال.

 7- إن العاملين في الاقتصاد الرقمي يستعملون الرموز والبرامج أكثر من الآلات التي  يستعملها الاقتصاد التقليدي.

8- تعدّ المعرفة سلعة عامة في الاقتصاد الرقمي، بعد اكتشافها وتعميمها ليصبح استعمالها مجانيا مع تأمين براءات الإختراع وحقوق الملكية والعلامات التجارية، حماية لحق منتج المعرفة، الذي أوجد مجموعة من السلع غير الملموسة كالأفكار والتصميمات والبرامج، أي إحلال طاقة ذهنية علمية محل جزء من المادة الأولية.

9- يشمل قطاع المعرفة كل الأنشطة المعلوماتية في الاقتصاد، وهذا يتضمن الأنشطة المعلوماتية والمخرجات الخاصة بقطاع الخدمات التقليدي وقطاعي الصناعة والزراعة.

يتميز الاقتصاد الرقمي بنشر تكنولوجيا المعلومات في جميع القطاعات وعلى جميع المستويات وهذا يسمح ببناء الحكومة الالكترونية، المؤسسة الالكترونية،البنوك الالكترونية والإدارة الالكترونية. ومن أهم خصائص الاقتصاد الرقمي ما يلي:

- يسمح استخدام التقنية الملائمة خلق أسواق ومنشآت افتراضية تلغى فيها حدود المكان والزمان ومثال ذلك التجارة الالكترونية التي توفر الكثير من المزايا، منها تخفيض التكلفة، رفع الكفاءة والسرعة في انجاز المعاملات على مدار الساعة وعلى نطاق العالم. ونتيجة لذلك ينصب التركيز أولا على تطوير الأسواق والشراكة والتحالف الاستراتيجي مع أطراف خارجية قبل التركيز على تطوير المنتجات؛

- يعتمد نجاح ونمو الاقتصاد الرقمي على قدرة الأفراد والمؤسسات على المشاركة في شبكات المعلومات ومواقع الانترنت المختلفة، ويتطلب الاشتراك الفعال في تلك الشبكة وفي الاقتصاد الرقمي ضرورة توفير البنية التحتية في الاقتصاد، وانخفاض تكلفة ورسوم تلك الخدمات وتوفر الآلات والأجهزة والمعدات والمهارات والتعليم والتدريب وتوفر الموارد المالية واستخدام الأموال الإلكترونية مثل بطاقات الائتمان.

- تؤثر تكنولوجيا المعلومات على درجة المنافسة وأساليبها وتحسين المراكز التنافسية، ويختلف هيكل السوق وفق درجة تطبيق تكنولوجيا المعلومات والاتصال في الاقتصاد الرقمي وذلك على المستويين المحلي والدولي، ويجب أن تتكامل تكنولوجيا المعلومات مع منظومات وقطاعات الاقتصاد المختلفة وخاصة التصنيع والتدريب والتعليم والخدمات المالية والمصرفية والاستثمارية. 

- تلعب تكنولوجيا المعلومات دورا أساسيا في زيادة معدلات النمو الاقتصادي وفي الاستثمارات الرأسمالية والتجارة الإلكترونية الداخلية والخارجية، وتؤثر الانترنت على أساليب أداء المعاملات التجارية وأساليب العمل.

- يمكن التحكم في المعلومات بالاستخدام الفعال للمعلومات وتوظيفها لخدمة القرارات والسياسات الاقتصادية، ويوفر الاقتصاد الرقمي المعلومات عن طريق تعلم كيفية تحديد اختيار المصادر المناسبة للمعلومات الأساسية والهامة أي أداء إدارة الصادر والوارد من المعلومات بطريقة أكتر كفاءة وتأثير. وهناك عدة أنواع من المعلومات:المعلومات الإلكترونية وتشمل البريد الإلكتروني والانترنت والمواد المسجلة على أشرطة الفيديو والمعلومات الموجودة على الأقراص الصلبة أو المرنة؛ المعلومات المنطوقة منها المكالمات الهاتفية والحوارات والمعلومات المطبوعة مثل التقارير والفاكسات؛ التنبؤات التكنولوجية. 

 

بنية عناصر الاقتصاد الرقمي:

ساهم الاقتصاد الرقمي في ظهور نوع أخر من المؤسسات التي تقوم على أساس إلكتروني تندمج فيه هذه المؤسسات مع بعضها البعض من خلال قاعدة عريضة تقوم على أساس شبكة المعلومات الداخلية والدولية ومواقع الانترنت والبريد الإلكتروني، تخلق مجموعة هذه المؤسسات هذا الاقتصاد الرقمي. لقد سمحت كذلك قنوات التوزيع الإلكترونية بتصريف وتسويق الخدمات المصرفية بشكل إلكتروني وبشكل سريع وفعال ليظهر ما يسمى بالبنوك الإلكترونية .

إن الشركات التي تقوم بإطلاق مواقع لها عبر شبكة الانترنت والتي تعرض من خلالها كل خدماتها ومنتجاتها على شكل كالكتالوجات إلكترونية وترصد فيها أنشطتها وخططها وأسواقها وأهدافها من أجل تحقيق الاتصال الفوري والتغلغل الواسع بالأسواق العالمية إضافة إلى استخدام هذه الشركات مؤتمرات الفيديو والمؤتمرات التليفونية وكل هذا يسمى بالمساهمة الإلكترونية في الاقتصاد الرقمي. 

 

أهم تطبيقات الاقتصاد الرقمي:

– التجارة الالكترونية: باستخدام تكنولوجيا المعلومات في تبادل السلع والخدمات والمعلومات بين الأفراد.

– التسويق الإلكتروني: ويتم ذلك من خلال استخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصال في تحقيق الأهداف التسويقية المخالفة، من خلال شبكات الاتصال المباشر ووسائل الاتصال الرقمية.

– الاستثمار الإلكتروني: وهذا من خلال الاستفادة من امكانيات الشبكة وما توفره من معلومات لاتخاذ قرارات المستثمرين في سوق العمل.

 

فوائد ومخاطر الاقتصاد الرقمي

إن الاقتصاد الرقمي القائم على البيئة الرقمية والتكنولوجية والقدرة على الإبتكار والإبداع والتطوير في المجال العلمي وتحقيق التقدم في مستوى التعليم والصحة ينعكس على الدولة بفوائد عدة، قد تكون فوائد اقتصادية أو سياسية أو إجتماعية، أما على مستوى الدولة فأن الاقتصاد الرقمي لايخلو من بعض المخاطر الواجب الحذر والحد منها داخل الإطار المؤسساتي للدولة. 

أولا: فوائد الاقتصاد الرقمي إن للاقتصاد الرقمي في الاقتصاد العالمي المعاصر أهمية كبيرة تترتب عليها عدة فوائد وتتمثل في الآتي:

- زيادة فرص إندماج الاقتصاد المحلي في الاقتصاد العالمي، وزيادة التجارة الدولية والوصول إلى الأسواق العالمية التي كان يصعب الوصول اليها في السابق. 

- حسن العلاقات بين الموردين والمصدرين، وزيادة التعاملات بين المستثمرين والبنوك والأجهزة الحكومية والمؤسسات الدولية.

- نشر مجتمع المعلومات والمعرفة وسهولة الوصول إلى مصادر المعلومات باستخدام شبكة الإنترنت، وهذا يؤدي إلى زيادة عدد المشتركيين في الشبكة الدولية للمعلومات الانترنت. كما يوفر الاقتصاد الرقمي المعلومات المثالية في الدقة والحداثة والصحة والكفاءة التي تساعد على اتخاذ القرارات وذلك من خلال توظيف المعلومات لخدمة القرارات السياسية والاقتصادية.

- تشجيع بناء حكومة رقمية ومصارف رقمية وتجارة رقمية وإدارة رقمية. 

- يحقق الاقتصاد الرقمي السيادة في إقناع الآخرين ودعم القرارات.

ثانيا: مخاطر الاقتصاد الرقمي  وتنقسم إلى قسمين:

المخاطر الإدارية للاقتصاد الرقمي: وتشمل:

أ- المشاكل التقنية: هي مشاكل تمثل العائق أمام استخدامات الاقتصاد الرقمي في المؤسسات والأعمال الرقمية وتجعله أكثر عرضة للخطر، فزيادة الإعتماد على تكنولوجيا المعلومات يسهل حدوث عمليات القرصنة والغش. 

ب- المشاكل القانونية: إن الإعتماد الكبير على التكنولوجيا الحديثة والانترنت وإلغاء الحدود الزمانية والمكانية وظهور العامل الافتراضي في التبادل التجاري بين المستهلكين أدى إلى ظهور تحديات وعوائق            في الضرائب والجمارك.

ج- مشاكل الثقة: يعد عامل الثقة عنصرا مهما في الاقتصاد الرقمي واستخداماته، فغياب الثقة يمثل عائقا أمام الاقتصاد الرقمي، ولاسيما إن بعض العقود والوثائق الرقمية تتطلب المصداقية والثقة قبل اتخاذ القرار ومن أجل تجنب الوقوع في الخطأ؛ ابتكر (التوقيع الرقمي)، وهو عبارة عن جزء صغير مشفر من البيانات يرفق مع الرسالة الإلكترونية كالبريد الإكتروني أو العقد الرقمي، فهو مثل توقيع خط اليد يستخدم لتصديق الوثائق والعقود الرقمية، ويتم التوقيع على ذلك بواسطة برنامج خاص في الكومبيوتر. 

د- مقاومة التحول الرقمي والخوف منه: إن رفض التغيير يمثل عائقا أو مشكلة أمام الاقتصاد الرقمي فبعض الأفراد يرفضون التغيير من دون معرفة الهدف منه، فالمعوقات التي تحد من التغيير وتمنع حدوثه في الشركات والمؤسسات كثيرة، كالصعوبة في توزيع المسؤوليات ومهام العمل وعدم توفر الدرجة الكافية من المرونة في الشركات والتناقض بين الأفراد ورغباتهم، كذلك عدم وجود تخطيط مسبق للتغيير وكيفية استغلال حدوثه.

المخاطر العلمية للاقتصاد الرقمي: يكمن جوهر الاقتصاد الرقمي في كيفية إتقان أو استخدام التكنولوجيا الرقمية والمعلومة وليس جوهر المعلومة أو نقلها، ولذلك فهناك مخاطر أخرى للاقتصاد الرقمي والتي تتمثل في الجانب العلمي وتشمل الآتي:

أ- الملكية الفكرية: تعد الملكية الفكرية عملة الاقتصاد الإبداعي، فهي مرتبطة بعالم يجب قياس كل شيء فيه، فالبيانات تعد ملكا للفرد ذاته وعند نشرها أو مشاركتها يجب نسبتها إلى الشخص المعني بها فاستخدام التقنية الرقمية لنسخ الأصوات والصور وعدم نشر الحقوق الملكية للشخص المعني تعد سرقة للمعلومات، وهذا العائق من المواضيع التي لاتزال قيد الدراسة في مجال الحقوق الفكرية فهي مجموعة من الضوابط تنظم حقوق المؤلف للأعمال الأدبية والفنية فحقوق الملكية الصناعية تتضمن براءة إختراع وتصاميم صناعية وعلامات تجارية.

ب- الجريمة الإلكترونية: تعرف الجريمة الإلكترونية بأنها النشاط الذي يتم فيه استخدام اجهزة الكومبيوتر وشبكات الإنترنت كونها الوسيلة أو الأداة لممارسة النشاط الإجرامي، ويعدها بعضهم أنها غير مشروعة وغير قانونية، وتوجد أربعة أنواع من الجرائم الإلكترونية (الجرائم التي تخص سرية البيانات، والجرائم التي تخص الكومبيوتر، وجرائم المحتوى، وجرائم حقوق الملكية الفكرية)

ت- الفجوة الرقمية: وتعني الفرق بين البلدان المتقدمة والبلدان النامية في استخدام التكنولوجيا والمعرفة فالاقتصاد الرقمي يعتمد على تكنولوجيا المعلومات والاتصالات ويزداد الاهتمام باستخدام التكنولوجيا في البلدان المتقدمة التي تمتلك المعرفة والبيئة الملائمة لزيادة الإعتماد على التكنولوجيا، بينما البلدان النامية لاتتوفر فيها الظروف الملائمة للاقتصاد الرقمي على الرغم من وجوده في البلدان النامية فإنه لايصل إلى مستوى الدول المتقدمة رقميا، إذا فالفجوة الرقمية هي الفرق بين المنتجات المعرفية كالبرمجيات ومن لا يمتلكها، وهذه الفجوة تمثل عائقا للاقتصاد الرقمي، ومصطلح الفجوة الرقمية ظهر أستكمالا لمصطلح الفجوة التقنية التي تعني (الفرق بين من يمتلك التقنية ومن لا يمتلكها) ومصطلح الفجوة المعرفية (زيادة دور المعرفة بالمقارنة مع أدوات الإنتاج والأرض) 

ث- الأُمِّية المعلوماتية: تعد الأُمِّية المعلوماتية من المشاكل الكبرى التي تواجه عصر المعلومات، والتي تعني جهل عدد كبير من أفراد المجتمع بالتطورات التكنولوجية الحديثة وعدم القدرة على استخدامها، لذلك تمثل عائقا أمام الاقتصاد الرقمي، ولابد من القضاء عليها من المؤسسات الحكومية لإظهار أهمية الكومبيوتر ونشر المعرفة التكنولوجية ومواكبة تطورات تكنولوجيا المعلومات وإدراك الفرد للآثار الإيجابية والسلبية للتكنولوجيا وكيفية تأثيرها في عمله ومستقبله ومستقبل مجتمعه أيضا. 

ج- هجرة العقول: تعد هجرة العقول ظاهرة تستنزف المهارات المتطورة والموارد البشرية في البلدان النامية والتي تؤدي إلى خسائر اقتصادية كبيرة فالأموال التي خصصت للإستثمار البشري ولم تجن منها الأرباح أو العائد المتوقع للبلد، فالاقتصاد الرقمي يقوم على رأس المال البشري، وظاهرة هجرة العقول تشكل تهديدا مباشرا على تكنولوجيا المعلومات والإتصالات وهذا يمثل عائقا يتحدى الاقتصاد الرقمي، ولا تستطيع البلدان النامية إيقاف هجرة هذه العقول أو استرجاعها، فلابد من توفير الظروف الملائمة وبنية تحتية جيدة وإيجاد دورات تدريب وتطوير المهارات لدعم التكنولوجيا من أجل الحفاظ على العقول وعدم هجرتها، والاستمرار على العمل والإبداع.

 

أهم التحديات التي تواجه الاقتصاد الرقمي:

تواجه اقتصادات العديد من الدول وخاصة النامية صعوبات نحو تبني الاقتصاد الرقمين أهمها: 

- غياب البنية التحتية الداعمة لقيام الاقتصاد الرقمي في العديد من الدول.

- انعدام الثقة في المعاملات الالكترونية، مثل السداد عن طريق الوسائل الالكترونية، أو التصديق الالكتروني للوثائق.

- ضعف الموارد البشرية وغياب الخبرات التكنولوجية اللازمة لمثل هذا النوع من التعاملات التكنولوجية.

- انتهاك قوانين الملكية الفكرية التي تعتبر من أهم مقومات الصناعة المعلوماتية، فمن دونها لا يمكن للصناعة المعلوماتية أن تنهضن حيث إن انتهاك الأفراد أو الجهات الاعتبارية لحقوق ملكية تلك البرامج، يؤدي إلى هجرة العقول البرمجية لهذا النوع من الصناعة، وعليه لا بد من استصدار التشريعات التي تحفظ حقوق مطوري البرامج.

 

أدى الانفجار الواسع في النسيج الترابطي وتنامي استخدام الانترنت لثورة رقمية عملت على إحداث تغيرات جوهرية في هيكل الاقتصاد وتفكيك النظم التقليدية، وإرساء بنود نظام جديد هو الاقتصاد الرقمي أو اقتصاد الإنترنت أو الاقتصاد الجديد، الذي نتجت عنه أثار ملموسة في مجالات عديدة كالأعمال التجارية الإدارة العامة، التعليم، الصحة والزراعة وغيرها. فمن خلالها أصبح بإمكان الأفراد والمؤسسات الاتصال فيما بينهم من أجل إختيار المنتجات والخدمات الأنسب من خلال إجراء مقارنات الأسعار واتخاذ قرار الشراء.  

 

 

المصادر والمراجع:

فريد راغب النجار،الاستثمار بالنظم الالكترونية والاقتصاد الرقمي، مؤسسة شباب الجامعة،الاسكندرية، 2004.

د.سمير الشيخ علي، العولمة والتكامل الاقتصادي العربي، مجلة جامعة دمشق، المجلد 18 ،العدد 1، سوريا، 2002.

سحقي نعيمة، الاقتصاد الرقمي في الجزائر  الفرص والتحديات، مذكرة لنيل شهادة الماستر في العلوم التجارية، جامعة البويرة، الجزائر، 2014-2015.

اخلاص باقر هاشم النجار، الاقتصاد الرقمي والفجوة الرقمية في الوطن العربي، مذكرة لنيل شهادة الدكتوراة في  فلسفة في العلوم الاقتصادية، جامعة البصرة، العراق، 2007.

فيان فاروق الجزراوي، تطورات الاقتصاد الرقمي وانعكاساتها على مكانة الدولة في النظام العالمي نماذج مختارة، مذكرة لنيل شهادة الماجيستار في العلوم السياسية، جامعة النهرين، العراق، 2021.

بطاهر بختة، توجهات الاقتصاد الرقمي في البلدان العربية في ظل رغبتها في تطبيقه ( فلسطين، الامارات، السعودية، الجزائر)، مجلة المنتدى للدراسات والأبحاث الاقتصادية، المجلد 03، العدد 02، 2019.

هبة الله هشام، الاقتصاد الرقمي، سمنار الشباب الباحثين، تقرير الحلقة الأولى، مصر، 2019.

 

 

إقرأ أيضاً

شارك أصدقائك المقال

ابقى على اﻃﻼع واشترك بقوائمنا البريدية ليصلك آخر مقالات ومنح وأخبار الموسوعة اﻟﺴﻴﺎﺳﻴّﺔ

ﺑﺘﺴﺠﻴﻠﻚ في ﻫﺬﻩ اﻟﻘﺎﺋﻤﺔ البريدية، فإنَّك ﺗﻮاﻓﻖ ﻋﻠﻰ اﺳﺘﻼم اﻷﺧﺒﺎر واﻟﻌﺮوض والمعلوﻣﺎت ﻣﻦ الموسوعة اﻟﺴﻴﺎﺳﻴّﺔ - Political Encyclopedia.

اﻧﻘﺮ ﻫﻨﺎ ﻟﻌﺮض إﺷﻌﺎر الخصوصية الخاص ﺑﻨﺎ. ﻳﺘﻢ ﺗﻮفير رواﺑﻂ ﺳﻬﻠﺔ لإﻟﻐﺎء الاشترك في ﻛﻞ ﺑﺮﻳﺪ إلكتروني.


كافة حقوق النشر محفوظة لدى الموسوعة السياسية. 2024 .Copyright © Political Encyclopedia